خبراء:-التأثير-الحقيقي-للتشريعات-العقارية-يحتاج-دورة-زمنية-تمتد-عاماً-كاملاً

خبراء: التأثير الحقيقي للتشريعات العقارية يحتاج دورة زمنية تمتد عاماً كاملاً

أكدوا لـ”السياسة” أن الانعكاس السعري لـ”الأراضي الفضاء” يقاس بالزمن وليس بالضجيج اللحظي

القطاع العقاري لا يتحرك بطريقة انفعالية… بل وفق آليات احترافية ونفس طويل

  • عماد حيدر: المشهد الحالي يعيد للأذهان تجربة 2008… والتصحيح قادم لا محالة
  • علاء بهبهاني: التحرّك السعري الأسبوعي أو الشهري أو الربعي لا يعبّر عن اتجاه التداول
  • علي الصفار: فهم السوق يتطلب قراءة تاريخية واقعية لمسار التشريعات في الكويت
  • خالد الصغير: ردود الفعل صعوداً وهبوطاً ستكون معنوية ومتزامنة مع نسب الضريبة

مروة البحراوي

في ظل الجدل الكبير الذي يرافق حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن على قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء، يقف السوق العقاري الكويتي أمام مرحلة مفصلية لا يبدو أنها ستحسم بالتصريحات المتداولة أو الانطباعات اللحظية، وإنما عبر قراءة متأنية لديناميكية السوق والمؤشرات العملية ودلالاتها الفعلية.

ومنذ صدور الحكم قبل أيام، علت الأصوات التي تتحدث عن هبوط كبير وسريع في الأسعار يصل إلى 40%، ما أثار موجة تفاؤل لدى شريحة كبيرة من الجمهور، مقابل حالة تحفظ وتريث لدى الخبراء والمحللين العقاريين، الذين شددوا على ضرورة عدم الانسياق وراء أي حماس غير مدعوم بالأدلة المتراكمة.

فبينما يتم تداول أحاديث شعبية حول انهيار متوقع للأسعار، جاءت الإحصائيات اليومية من وزارة العدل عقب صدور الحكم مباشرة لتعكس واقعا مغايرا، إذ ارتفع متوسط قيمة الصفقة الواحدة للعقارات السكنية من نحو 371 ألف دينار ليصل في الأيام التالية إلى 486 ألفا ثم إلى 500 ألف دينار للصفقة الواحدة، ورغم أنه ارتفاع طفيف، إلا أنه لا ينسجم مع التصور السائد بانخفاضات حادة في الاسعار، إلا أن خبراء العقار أجمعوا لـ”السياسة” أن السوق لا يتحرك بطريقة انفعالية، بل يتفاعل وفق آليات احترافية ونفس طويل.

خبراء: التأثير الحقيقي للتشريعات العقارية  يحتاج دورة زمنية تمتد عاماً كاملاً

play icon

عماد حيدر

أكد رئيس اتحاد وسطاء العقار عماد حيدر أن المشهد العقاري الحالي يعيد للأذهان تجربة عام 2008، حين تم فرض رسوم على الأراضي التي تزيد مساحتها عن 5 آلاف متر مربع، وهو القانون الذي دخل حيّز التنفيذ في العام 2011، ورغم التوقعات بانخفاض الأسعار حين ذلك، إلا أن السوق شهد حركة مغايرة تمامًا، إذ ارتفعت قيم العقارات بنحو 106% بعد تطبيق القرار، ما يثبت أن السوق يخضع أولاً وأخيرًا لقانون العرض والطلب، وليس للتوقعات النظرية.

وأشار حيدر إلى أن التأثير النفسي الفوري للتشريعات الجديدة يلعب دوراً مهماً في القرارات الاستثمارية، متوقعًا أن يقوم ملاك الأراضي في السنة الأولى من تطبيق قانون الأراضي الفضاء بدفع الرسوم المحددة بـ10 دنانير للمتر الواحد، قبل أن يقوموا لاحقًا بنقل عبء التكلفة إلى المستهلك النهائي في الأسعار اللاحقة.

وتوقع حيدر أن تشهد السوق انخفاضًا محدودًا في الأشهر الأولى من التطبيق بنسبة تتراوح بين 10 و15%، يعقبه ارتفاع تدريجي بفعل ندرة الأراضي الصالحة للتطوير وغياب مناطق إسكانية جديدة، ما قد يقود ـ حسب توقعه ـ إلى تصحيح سعري يتناسب مع المتغيرات الحقيقية في السوق العقاري، بعد دخول الأراضي المتاحة جميعها في التداولات.

وأكد أن القانون الحالي يعتبر ناقصًا في تأثيره، مشددًا على ضرورة توسيع نطاقه ليشمل الأراضي والبيوت السكنية أيضا، حتى يحقق النتائج المرجوة في ضبط الأسعار والتصدي لمحاولات الالتفاف على القانون بتشييد مبان عشوائية، لذا يجب أن يتصدى القانون إلى ظاهرة الاراضي والبيوت المحتكرة التي لم نجد لها حلا إلى الآن؟!

وأكد أن التشريعات المرتقبة، وخاصة في ظل التحولات القانونية المنتظرة، سيكون لها أثر كبير على شكل السوق العقاري الكويتي خلال الفترة القريبة المقبلة، مطالبًا بإطار تنظيمي شامل يوازن بين مصالح الدولة والمستثمر والمستهلك.

خبراء: التأثير الحقيقي للتشريعات العقارية  يحتاج دورة زمنية تمتد عاماً كاملاً

play icon

علي الصفار

فترات هبوط وتعافٍ

اتفق الخبير العقاري علي الصفار مع رأي حيدر في أن السوق العقاري الكويتي تاريخيًا يمر بمنحنيات هبوط قصيرة تعقبها فترات تعافٍ تصحيحية، وهذا ما حدث في أعقاب 1994 و2008 و2014، وما سنشهده كذلك بعد 2023، لافتا إلى أن قياس التأثير الحقيقي لأي تشريع لا يكون خلال أسبوع أو شهر، بل يحتاج دورة زمنية تمتد عامًا كاملًا على الأقل لمعرفة مدى نجاحه في تعديل المسارات السعرية وتنظيم التعاملات العقارية.

وقال إن فهم تأثير قانون معالجة احتكار الأراضي الفضاء يتطلب قراءة تاريخية وواقعية لمسار التشريعات العقارية في الكويت، وليس الاعتماد على الانطباعات السريعة أو التحليلات غير المتخصصة، مضيفا أن القانون رقم 50 لسنة 1994 كان أول محاولة جادة لمعالجة احتكار الأراضي البيضاء، عبر فرض رسوم مقدارها نصف دينار على كل متر للأراضي غير المستغلة التي تزيد مساحتها عن 5 آلاف متر، وذلك في ظل طفرة الأسعار نتيجة محدودية المعروض وارتفاع الطلب لمواجهة تراكمات الطلبات الإسكانية في تلك المرحلة.

ولفت الى أن هذا القانون لم ينجح فعليًا في كبح الأسعار، حيث شهد السوق قفزات سعرية لاحقة في سنوات 1996 و2000 و2003 وصولًا إلى مستويات قياسية في عام 2007، الأمر الذي دفع الدولة إلى تعديل القانون بإصدار القانون 8 لسنة 2008، حيث زادت الرسوم من نصف دينار إلى 10 دنانير لكل متر، مع وضع حد أدنى لنسبة البناء عند 20% حتى تُستثنى منها الأراضي المطورة، ورغم ذلك لم يكن هذا التشريع أيضًا كافيًا لإيقاف التضخم السعري في السوق.

وتابع الصفار “في عام 2023 جاء التعديل الثاني على القانون رقم 50 عبر القانون 2023/‏‏126، والذي مثّل التحول الأهم تاريخيًا، حيث تم تقليص مساحة الأرض الخاضعة للرسوم من 5000 متر إلى 1500 متر فقط، وفرض رسوم تصاعدية تبدأ من 10 دنانير للمتر في السنة الأولى وتصل تدريجيًا إلى 100 دينار للمتر، إضافة إلى رفع نسبة البناء المستثناة من الرسوم من 20% إلى 50%.”

وأشار إلى أن انعكاسات هذا القانون لم تكن فورية أو لحظية كما يتم تصويرها، بل بدأت تأثيراتها منذ نهاية 2023 بشكل تدريجي وطبيعي وفق ديناميكيات السوق، حيث شهدت بعض المناطق انخفاضات متراكمة تتراوح بين 20 و25% على مدى عامين، كما حدث في مدينة صباح الأحمد البحرية وبعض مناطق الضواحي، بينما لم تتأثر بعض المناطق الداخلية بنفس المستوى نظرًا لندرة المعروض وارتباطها بالسكن الخاص.

وأوضح الصفار أن التحولات المسجلة في السوق العقاري كانت واضحة عبر انتقال رؤوس الأموال من قطاع السكن الخاص إلى القطاع الاستثماري والتجاري، وهو ما دفع إلى تحقيق أرقام تداولية قياسية تاريخية، حيث سجل السوق التجاري أرقامًا غير مسبوقة منذ 2019، فيما يقترب القطاع العقاري إجمالًا هذا العام من تسجيل قيمة تداول تتجاوز 4 مليارات دينار، بل وربما تصل إلى 4.4 مليار قبل نهاية العام 2025، بما يجعل العام الحالي أحد أعلى الأعوام تاريخيًا في قيمة التداول.

وأضاف من غير الواقعي الحديث عن هبوط مفاجئ بنسبة 40% خلال أسبوع أو أسبوعين، لأن الانخفاضات كانت نتيجة تراكمات زمنية، والعروض التي ظهرت في مناطق مثل شرق القرين وجنوب السرة تم ضخها تدريجياً وبشكل متزن، بحيث استوعبها السوق بمرونة كبيرة، وهو ما تؤكده أرقام شهر اكتوبر الماضي، حيث بلغت التداولات 417 مليون دينار، منها 172 مليونًا في القطاع السكني عبر 425 صفقة، ما يدل على وجود توازن ومرحلة استيعاب فعلي للأسعار الجديدة.

خبراء: التأثير الحقيقي للتشريعات العقارية  يحتاج دورة زمنية تمتد عاماً كاملاً

play icon

علاء بهبهاني

مبالغات غير دقيقة

من جانبه، أكد الخبير العقاري علاء بهبهاني أن ما يتم تداوله من حديث عن هبوط أسعار العقار السكني بنسبة تصل إلى 40% بعد صدور حكم المحكمة الدستورية المرتبط بقانون مكافحة الأراضي الفضاء، يمثل مبالغات غير دقيقة ولا تعكس واقع السوق، موضحا أن فهم طبيعة السوق العقاري الكويتي يتطلب إدراك خصوصيته مقارنة بالأسواق العالمية.

وقال إن إجمالي الصفقات السكنية السنوية في الكويت يبلغ نحو 2500 صفقة فقط، وهو رقم منخفض جدًا قياسًا بعدد الطلبات الإسكانية وحجم السكان، مما يجعل السوق محتكَرًا “باحترافية” ويجعل أي تحرّك سعري خلال أسبوع أو شهر أو حتى ربع سنة، غير معبر عن الاتجاه الحقيقي للسوق.

وشدّد بهبهاني على أن الحكم على جدوى أي قانون عقاري أو آثاره على السوق لا ينبغي أن يتم قبل مرور عام كامل على بدء التطبيق، لافتًا إلى أن التفاؤل الحالي بهبوط الأسعار يفتقر للمعطيات الواقعية، إذ لم يتم حتى الآن إصدار أي بيانات رسمية بشأن عدد القسائم التي سيُطبق عليها القانون أو حجم الرسوم التي ستُحصّل لصالح وزارة المالية.

وأضاف أن تجربة المطلاع مثال مهم يجب استحضاره عند تقييم المشهد العقاري، فهذه المنطقة تضم نحو 24 ألف قسيمة سكنية وجرى توزيعها بعد عام 2020، ومع ذلك لم تُحدث تأثيرًا جوهرياً على أسعار العقار، رغم أن عددها يفوق أضعاف عدد الأراضي التي قد يُطبق عليها القانون الجديد.

وأكد أن ما يُشاع عن “هبوط 40% خلال يومين” يعكس قراءة سطحية وغير مهنية لطبيعة السوق، موضحا أن هناك أطرافًا ذات قدرة مالية ونفوذ يمكنها التأثير في حركة السوق صعودًا أو هبوطًا، وهو أمر طبيعي في أسواق محكومة بالندرة والمحدودية.

وفي تعليقه على ارتفاع متوسط قيمة الصفقات في الأيام التالية لصدور حكم المحكمة، قال بهبهاني إن بيع صفقتين أو ثلاث بمتوسط مرتفع لا يمكن اعتباره مؤشرًا عامًا على السوق، مشددًا على أن قراءة الاتجاهات العقارية يجب أن تعتمد على بيانات ممتدة وفترات زمنية أطول.

وركز على أن معالجة الأزمة الإسكانية في الكويت لن تتحقق بخطوة واحدة، بل تحتاج إلى العمل على ثلاثة مسارات متوازية (الأراضي ـ المطور العقاري ـ والتمويل )، بحيث تشكل هذه المحاور منظومة متكاملة تعالج جذور المشكلة لا مظاهرها فقط.

خبراء: التأثير الحقيقي للتشريعات العقارية  يحتاج دورة زمنية تمتد عاماً كاملاً

play icon

خالد الصغير

النفس الطويل

بدوره قال الرئيس التنفيذي لشركة ريم العقارية خالد الصغير إن انعكاسات قانون الأراضي الفضاء عقب حكم المحكمة الدستورية لن تظهر فورًا، موضحًا أن القطاع العقاري يتميز بـ”نَفَس طويل”، وأن التغيرات في الأسعار والسلوك الاستثماري لا تحدث بشكل لحظي، مؤكدا أن القانون سيدخل حيز التنفيذ الفعلي مطلع يناير 2026، حيث ستبدأ الرسوم التصاعدية على الأراضي غير المستغلة بواقع 10 دنانير للمتر المربع في العام الأول، ثم 30% في العام التالي، و70% في السنة الثالثة، لتصل إلى 100% في السنة الرابعة بواقع 100 دينار للمتر المربع.

وأضاف أن ردود الفعل ستكون تدريجية ومتزامنة مع نسب الضريبة السنوية، متوقعًا أن تتضح الصورة بشكل أوضح مع نهاية 2026 وبداية 2027، أي بعد عام كامل من التطبيق الفعلي، معتبرا أن ما يتم تداوله حول توقعات ارتفاع أو انخفاض الأسعار مجرد مواقف معنوية وعلينا الانتظار نفاذ القانون ونرى ارتدادته على الأسعار.

وأوضح الصغير أن كثيرًا من ملاك الأراضي قد يتقبلون الضريبة في عامها الأول باعتبارها منخفضة نسبيًا، وسيستغلون هذه الفترة لقراءة اتجاهات السوق وتقييم جدوى البناء، سواء عبر تشييد منازل خاصة أو تطوير بنايات سكنية مؤجرة حسب التوجه العام للمناطق الواقعة فيها الأراضي الفضاء، مؤكدًا أن هذا القرار يرتبط بعوامل أخر، منها مدى استفادة المالك من القوانين الجديدة المتعلقة بالإيجارات والإسكان.

وشدد على أن فرض الضريبة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تكفي وحدها لتحقيق التوازن المنشود في السوق العقاري، قائلاً إن “هذه خطوة واحدة وتحتاج معها عدة خطوات أخرى”، من بينها تنظيم الإيجارات في المناطق السكنية، وضمان وجود بدائل استثمارية حقيقية أمام الملاك والمواطنين، إضافة إلى تهيئة بيئة تمويل مناسبة واشراك عدة أطراف في منظومة الحل، حتى لا تتحول الضريبة إلى عبء دون مقابل، وينتفي الغرض المرجو منها وهم أن تكون أداة إصلاح تُترجم إلى زيادة المعروض وتحقيق استقرار سعري مستدام ومعالجة أكبر قضية تمس جميع فئات المجتمع وهي القضية الإسكانية.

الكويت الان ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *