'شغاب'… حكايات تستدعي الماضي وتكتشف الحاضر

حبيب غلوم في كواليس العمل

نقلة في صناعة الدراما الإماراتية تضعها على المسار الصحيح

يمثل المسلسل الاماراتي ” شغاب ” نقلة حقيقية في مسيرة صناعة الدراما الاماراتية شكلا ومضمونا لما يحمله من مضامين عالية الجودة واشتغال احترافي لربما يتجاوز من خلاله النسبة الاكبر من التجارب السابقة، على طريقته الانتاجية يقوم الفنان المنتج د. حبيب غلوم بتأمين كافة الظروف المناسبة لتحقيق معادلة انتاجية تمتاز بالسخاء والتوازن ونستطيع التأكيد بان هكذا تجربة وهكذا معطيات تكاد تكون التهمت النسبة الاكبر من الميزانية المخصصة لتحقيق هكذا منجز رفيع المستوى يستحق ان يحمل جملة – انتاج درامي تلفزيوني اماراتي.

مسلسل”شغاب” يرتكز على نص ثري للكاتب الاماراتي القدير اسماعيل عبدالله الذي كلما عاد الى الدراما التلفزيونية جاء محملا بخزائن الحكايات والمضامين فهو حينما يستدعي حكاية ” شغاب ” ” الحلق ” انما ليكون ذريعة للذهاب إلى عمق التراث والزمن الإماراتي الحديث لاستدعاء مجموعة من الحكايات والشخوص والأسرار التي راحت تتداعى حلقة بعد أخرى ونحن نرصد حكاية ذلك “الحلق” القادم عبر الزمن مخلدا الحب والتحدي والارداة والتضحيات الكبار.

كعادته يغزل الكاتب اسماعيل عبدالله حكايات وحوارته بلغة شعرية مترعة بالمفردات ثرية بالدلالات وعبقة بالمضامين عامرة بالشخوص التي تطور مفردات الصراع اعتبارا من البحارة والغواصين وصولا الى بقية الشخوص التي راح يزدحم بها العمل عبر أحداث دموية متفجرة.حكايات تمزج الماضي وتستحضر شخصيات غانم وابنته ثريا ولاحقا الريم وجراح وصولا الى اصايل..وحياكة شديدة الحساسية في استدعاء الصراع الانساني وقيم الحب الخالدة.

في العمل كوكبة من نجوم دولة الامارات العربية المتحدة وكانهم في حلبة من الصراع في استحضار مفردات الاداء العالي المتناغم ونخص الفنانين احمد الجسمي ود. حبيب غلوم وهيفاء حسين واحمد الانصاري وابراهيم سالم ومروان عبدالله وامل محمد ومجموعة اخرى من اجيال الدراما الاماراتية..ومعهم المخرج مصطفى رشيد الذي نضجت تجربته وتعمقت حلوله الاخراجية واشتغالاته الفنية البصرية مما منح العمل عمقا وبعدا اضافيا.

مسلسل “شغاب” وهذه المفردة المعروفة باللهجة الاماراتية وتعني خليجيا “الترجية” ولغويا “الحلق” ليس مجرد عمل اماراتي بل تطور رفيع لصناعة وحرفة ومرحلة هامة من تاريخ ومسيرة صناعة الانتاج الدرامي في دولة الامارات بل انه يؤسس لمرحلة جديدة واضافية بحيث نقول ما بعد – شغاب – امام هكذا منجز فني يليق باسم دولة الامارات العربية ومبدعيها ويحفز الجهات الانتاجية – مؤسسة ابوظبي للاعلام – وغيرها الى التفكير والتخطيط الى مراحل متقدمة ماديا و لوجستيا من اجل تطوير هذه الصناعة. بل انها دعوة لتطوير مفردات الدعم عبر استديوهات متخصصة تستوعب هكذا مشاريع كبرى والذهاب الى عمق التراث الامارتي المشبع بالحكايات والمرصع بالجواهر والقيم الكبرى.. وهو امر لا يمكن ان يتحمله منتج منفذ لوحده وضمن ميزانية محدودة ضيقة. ومن النادر ان ياتي منتجون بمستوى الفنان د. حبيب غلوم “سبوت لايت للانتاج الفني ” ليقدم هكذا تضحيات مادية كبرى لتامين تحقيق منجز فني على طريقة مسلسل – شغاب -.

في ” شغاب ” حرفية فنية تجعل المسلسل قادرا على تجاوز دائرة القنوات الاماراتية الى افاق خليجية وعربية اوسع من خلال التسويق والترويج العالي الذي يوزاي الاحترافية الانتاجية التي تم بها انجاز العمل. والتاكيد بان صناعة الانتاج الفني الاماراتي بما تمتاز به من خصوصية وعمق للشخصية تكون بذلك قادرة على الانطلاق بعيدا وهو من ما نتوقعة لاعمال على شاكلة – شغاب – وغيرها من تجارب فنية مقبلة تسير على معادلات الانتاج المتميز.