'البدون'… أعطوهم جوازات ليسعوا في مناكبها ويأكلوا من رزق الله
نعم، الإجراءات الحكومية الأخيرة حيال المسحوبة جنسيتهم، سواء حصلوا عليها بطرق شرعية أو ملتوية، خطوة بالاتجاه الصحيح نحو التخفيف عنهم، ولقد كانت برداً وسلاماً عليهم وعلى ذويهم، فشكراً لمن بيده الأمر والنهي.
لا شك أن ذلك لا يتم إلا من رجل عظيم، يعمل على الاستقرار الاجتماعي في بلده، كي تستقيم العلاقة بين هؤلاء وبين مجتمعهم، ويستطيعوا التحرك بحرية، ومعالجة أوضاعهم بطرق عدة، ومشروعة.
قبل فترة قصيرة، كنا دعونا الحكومة إلى دراسة تداعيات قراراتها، قبل اصدارها، كي لا تكون هناك سلبيات تنغص حياة الناس، وإذا صدرت من دون ذلك تصبح الفائدة المرجوة طامة على الجميع، ولو أخذت، تلك الأمور بعين الاعتبار، قبل سحب الجنسية لكان الأمر أهون على هؤلاء الذين لديهم ارتباطات عدة، أسرية، وتجارية، وغيرها من السلبيات التي شكلها قرار السحب، وعملوا على ترتيب أوضاعهم.
هنا لا نكشف سراً إذا قلنا إن الغالبية ممن لم يزيفوا ترى أنها ظلمت، وأنها فوجئت بذلك، لاسيما بعد توقف معاملاتها، ومنها الحصول على مالها في البنوك، وغيرها، وحال ذلك دون الحصول على لقمة عيشها، وعيش أسرتها.
لكن في الإجراءات الأخيرة، شعر هؤلاء بنوع من الانفراج، رغم أنها غير مكتملة، إذ أتى الفرج بعدما عاشوا الضنك والحسرة، وعانوا الكثير من المشكلات، وأسقط في أيديهم.
رغم ذلك فالعزاء الوحيد لهم أن هناك لجنة تظلمات للنظر بأمر كل من يتقدم لها بتظلم، ومن له حق سيحصل عليه، فنحن في دولة تتعامل بإنسانية، وكما نقول في العامية “صدرها واسع، وبابها مفتوح للجميع”، والمسؤولون يستمعون لكل شكوى، وهذا أمر جيد يبنى عليه، فنحن في دولة شعبها يعلن ألمه، وولي أمرهم يسمح ويخاف الله في بلده.
في مجال له علاقة بهذه المشكلة، وربما هي أكثر أهمية، أولئك من يسمون “البدون”، أو كما اصطلح على تسميتهم “المقيمون بصورة غير قانونية”.
هذه الشريحة أمورها معلقة منذ عقود، وتكبر يوميا، ويزداد عددها، والحلول، كما هو ظاهر، شبه معدومة، بينما لدينا مشكلة تكويت الوظائف، والعدد الكبير من العاملين في مؤسسات الدولة من غير الكويتيين.
في المقابل إن هذه الفئة تعرف طبيعة المجتمع والبلاد، ولها مساهمات عدة في الكثير من النواحي، لا سيما آباء بعضهم ممن دافعوا عن الكويت، وضحوا من أجلها، وبالتالي لهم حقوق إنسانية، أقلها العمل والعيش الكريم.
لذا يمكن الاستعانة بهم في شتى القطاعات، خصوصا مؤسسات الدولة، وفي الوظائف التي يشغلها مقيمون، مما يخفف الكثير من الأعباء، أولا الأمنية منها، وثانيا، وقف استنزاف تحويل الأموال إلى الخارج، فهذا الشخص (البدون) سينفق ماله في الداخل، لأن لا وطن له غير الكويت، كما يقول وواضح، ولن يكلف الدولة المزيد من الإنفاق على الخدمات، لأنها حاليا موجودة، فإذا اشتغل هؤلاء، وعددهم كما يقال مئة ألف نسمة، وهذا المسجل، وهو غير الرقم الموجود عند الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية، ووزارة الداخلية على علم به، وهذا بالتالي يخفف أعباء عدة.
وهنا علينا ألا ننسى، أن الكثير منهم ولد وعاش وتعلم في مدارس الكويت، ومنهم من لمع في مجالات عدة، لكن لم يحصل على كامل كرامته الإنسانية.
كذلك البعض منهم حين حصل على فرصته هاجر إلى دول منحته جنسيتها، وعمل فيها، وأكمل تعليمه، وعاد إلى الكويت لانه ينتمي إليها، كما أن العديد منهم من أمهات كويتيات، وهم ملتصقون بهذه الأرض.
لذا، كما كانت الحال بالنسبة للمسحوبة جنسيتهم، الذين حصلوا على جوازات سفر، لماذا لا تمنح هذه الشريحة ذلك الامتياز، بل يكون “الجواز كامل الدسم”، كما نقول في العامية، كي يسافروا في أرض الله الواسعة ويسعوا في مناكبها، كي يرزقوا فيها، كما أنه ليس مستبعداً أن يستعيد الكثير منهم جنسية والده، أو جده، حين تتاح له حرية الحركة، بدلا من أن يعيش في عجز، وحركة محدودة.
المعروف أن الانسان بطبعه ودود، لا يحب الأذى، لكن الظروف تدفعه إلى الجريمة، وحين يجد نفسه محاصراً بلقمة عيشه، وتجويع عياله، لا شك سيلجأ إلى الطرق غير المشروعة للحصول على المال كي يعيل نفسه ومن معه، ولما تكون إجراءات الدولة شديدة عليه، فهو سيكفر بكل القيم، هذا أمر يتابعه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، ويشكر عليه، وأعانه الله.
لذا من المفيد النظر في تداعيات ذلك، كي لا تتفاقم الجريمة، ويجري التهوين على هؤلاء، حتى يستطيعوا أن يكونوا عناصر مفيدة في المجتمع.
إن الفرق بين القسوة غير المدروسة، وبين تطبيق القانون من أجل حفظ الأمن خيط رفيع، دائما القاضي يعمل بروح القانون، والرحمة لأن يكون على قناعة أن الفائدة تعم الناس، لا سيما في دولة الإنسانية، ولهذا نضع هذا الأمر أمام كبار المسؤولين كي يتدبروا حلاً منصفاً لهذه الفئة من الناس، التي كثر عددها بعد سحب الجنسية.
يسروا أمر حلهم وترحالهم، فقد يجدون أثراً لآبائهم في تلك الدول، وأقصد هنا “البدون”.
الكويت الان ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.