المطران بيراردي: الكويت منارة للتسامح الديني والتعايش في المنطقة
الكنيسة الكاثوليكية في الكويت وفي الإطار المطران ألدو بيراردي
النائب الرسولي أكد لـ”السياسة” أن حكومتها تلتزم بضمان احترام الأقليات
- لدينا كنيستان في الكويت تتسعان لنحو 300 ألف شخص ونقدّر انفتاح سلطاتها
- نحن محظوظون بالعيش في الكويت لتعزيزها التعايش واحترام المجتمعات
- دور الكنيسة يكون أكثر حيوية عندما يشتد الصراع في الشرق الأوسط
- نؤمن أن الكنيسة ليست مجرد ملاذ روحي فقط بل هي أيضاً أداة لبناء الجسور
- الكاتدرائية المشتركة تم تصنيفها في “المجلس الوطني للثقافة” كصرح تاريخي
- عملنا الخيري نخدم به المهمشين والمحتاجين بغض النظر عن خلفيتهم الدينية
حاوره – ناجح بلال
الكويت كدولة إسلامية تعد مثالًا ساطعًا للتسامح الديني والتعايش في المنطقة، حيث تتجلى فيها روح التسامح والمحبة ما يجعل الطوائف الدينية المتنوعة تعيش على أرضها جنباً إلى جنب في وئام ولعل هذه الأجواء الرائعة هي انعكاس مباشر لرؤية وقيادة دولة الكويت، التي شكلت بالتزامها بالسلام والشمولية هوية الأمة، كما تعززالكويت احترام جميع الأديان ودعم حرية العبادة مما يجعلها منارة للتسامح والتعايش في منطقة الخليج حيث إن التفاني الثابت للقيادة الكويتية ومواطنيها للحفاظ على هذا التعايش السلمي يضمن بقاء الكويت بيتًا آمنا للحرية الدينية والوحدة في العالم العربي.
المطران ألدو بيراردي
وفي مقابلة خاصة مع “السياسة”، قال صاحب السيادة المطران ألدو بيراردي، النائب الرسولي للنيابة الرسولية لشمال الجزيرة العربية: “لقد كان الشرق الأوسط دائمًا منطقة ذات أهمية تاريخية وثقافية عميقة، لافتا إلى أن التغيرات والصراعات شكلت ديناميكياتها بطرق فريدة، ولهذا تنظر الكنيسة إلى هذه التطورات باهتمام وأمل”.
وسط الصراعات
وأضاف المطران بيراردي: “ووسط الصراعات المستمرة في المنطقة، نشهد أيضًا أمثلة ملهمة على الصمود والحوار والتضامن بين الناس من مختلف الأديان”.
وتابع: “نحن محظوظون بالعيش في الكويت، البلد الذي يعزز التعايش واحترام المجتمعات المتنوعة حيث تقدم الحكومة والمجتمع هنا مستوى ملحوظًا من الدعم لضمان قدرة المسيحيين على ممارسة عبادتهم بحرية والمساهمة بشكل إيجابي في تنمية البلاد، مشيرا في الوقت ذاته إلى “أن روح الاحترام المتبادل هذا يشكل مثالًا للمنطقة”.
تعزيز السلام
وقال: “إن دورنا ككنيسة هو مواصلة تعزيز السلام والمصالحة، والدفاع عن حقوق وكرامة جميع الناس، وأن نكون منارة للأمل والخدمة. وعلى الرغم من التحديات، نحن واثقون من أن الإيمان والمحبة والحوار سيستمران في توجيهنا خلال هذه الأوقات التحويلية وأن رسالة الكنيسة كانت دائمًا رسالة مصالحة وسلام ووحدة، موضحًا أن دور الكنيسة يكون أكثر حيوية عندما يشتد الصراع في الشرق الأوسط حيث نؤمن أن الكنيسة ليست مجرد ملاذا روحيا فقط بل هي أيضًا أداة لبناء الجسور”.
وأضاف: “من خلال تعاليمنا وبرامج التوعية والشراكات مع المجتمعات الدينية الأخرى، نهدف إلى تعزيز الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل”.
أحداث غزة
وتابع: “لهذا كانت الكنيسة دائمًا مصدر ملجأ ودعم للمحتاجين، خاصة في أوقات الأزمات والصراع والنزوح مستشهدا على ذلك بأحداث غزة فعندما نزح الكثيرون من منازلهم بسبب الظروف المؤسفة، تدخلت الكنيسة لإيواء أولئك النازحين من كبار السن، النساء والأطفال الذين لم يكن لديهم مكان للعيش فيه، فأقاموا داخل الكنيسة في غزة وأيضًا في المدرسة التي تضررت جزئيًّا خلال الحرب”.
وذكر المطران بيراردي، أن الكنيسة في الكويت تلعب دورًا مهمًا في دعم المتضررين بشكل غير مباشر في مثل هذه الأزمات وبخاصة أن العديد من المؤمنين هم من المغتربين الذين لديهم عائلات أو أصدقاء تأثروا بالصراعات في بلدان مثل سورية، العراق، اليمن وفلسطين، موضحًا أن الكنيسة تقدم لهم التوجيه الروحي والمعنوي.
التعايش السلمي
وفي حديثه عن الكويت، قال: إن البلاد كانت منذ فترة طويلة منارة للتسامح الديني في الشرق الأوسط، وسياساتها وممارساتها بمثابة نموذج للتعايش السلمي بين المجتمعات الدينية المتنوعة حيث أظهرت حكومة الكويت التزامًا حقيقيًّا بضمان احترام الأقليات الدينية والسماح لها بممارسة عبادتها الدينية بحرية.
300 ألف شخص
وعن الكنائس الكاثوليكية في الكويت، قال المطران بيراردي: “لدينا كنيستان تتسعان لنحو 3000 شخص كل منها في الأحمدي، التي بنيت عام 1948 وتم تدشينها ومباركتها عام 1956 والثانية هي الكاتدرائية المشتركة في وسط مدينة الكويت المبنية على الأرض التي تبرع بها الأمير الراحل سمو الأمير الشيخ عبدالله السالم الصباح وتم تدشينها ومباركتها عام 1961. هذا بالإضافة إلى الكنائس الأخرى في السالمية والعباسية.
بعد ذلك، قال الأسقف بيراردي، إن الكاتدرائية المشتركة تم تصنيفها الآن من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كصرح تاريخي.
كرم وانفتاح
وقال: نحن، الكنيسة الكاثوليكيّة، نقدر بشدة كرم الضيافة والانفتاح الذي قدمته السلطات الكويتية، وهذا يمكننا ليس فقط من خدمة المؤمنين ولكن أيضًا من المساهمة في المجتمع الأوسع من خلال المبادرات الخيرية والتعليم ودعم المهمشين ولهذا فنحن ممتنون للثقة والتفاهم اللذين تتسم بهما هذه العلاقة وسنظل ملتزمين بالعمل جنبًا إلى جنب مع السلطات لتعزيز السلام والوحدة والرخاء المشترك.
وأضاف: “ان انفتاح الكويت على الحوار الديني هو شهادة على التزامها بتعزيز الوئام والتفاهم بين طوائفها المتنوعة، ومساهمتنا في هذا الحوار يبدأ بالتزامنا ببناء علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والقيم المشتركة والتعايش السلمي”.
وذكر المطران بيراردي أن الكنيسة تنظم أنشطة تعليمية وثقافية لتعزيز الوعي وتقدير إيماننا أثناء التعلم عن الآخرين.
كرم عائلة الصباح
وأضاف: فإن كلمة “que” باللغتين الإنجليزية والعربية التي تزين جدار الكاتدرائية المشتركة تعني الكثير، حيث إن الأرض التي يقوم عليها هذا الصرح هو تبرع من سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح كما تعبر اللوحة أيضًا عن كرم عائلة الصباح، لافتا إلى أن هذه اللوحة هي من رموز الكرم وروح التعاون الموجودة في الكويت. وهي لا تعكس الدعم الرائع من عائلة الصباح وحكومة الكويت فحسب، بل تعكس أيضًا التسامح والاحترام العميقين اللذين يكنهما الشعب الكويتي للتنوع الديني.
وتابع: “وقد قامت القيادة الكويتية بدور حاسم في رعاية بيئة الانفتاح هذه، ونحن ممتنون لإتاحة الفرصة لنا للعمل ضمن هذا الإطار. معًا، نسعى جاهدين لإظهار أن التعاون بين الأديان ليس ممكنًا فحسب، بل ضروري لإنشاء مجتمع متجذر في السلام والتفاهم والاحترام. نحن في الكنيسة سنظل ملتزمين بهذه الجهود، ونصلي ونعمل من أجل عالم ينتصر فيه الحوار والتضامن على الانقسام والخلاف”.
وعن عمل الكنيسة الخيري، قال المطران بيراردي: إن عملنا الخيري هو من السبل التي نقدم من خلالها خدمة المهمشين والمحتاجين بغض النظر عن خلفيتهم الدينية أو الثقافية حيث نعمل دائما على إظهار القوة الموحدة للحب والرحمة، التي تتجاوز كل الاختلافات. ونحن ممتنون للسلطات الكويتية والمجتمع الأوسع لخلق بيئة تقدر الحوار والاحترام، ويحدونا الأمل والصلاة من أجل أن تستمر هذه الجهود في النمو، لتكون مثالًا للسلام والتفاهم في المنطقة وستظل الكنيسة ملتزمة بكونها منشئ الجسور، وتعمل جنبًا إلى جنب مع الآخرين لضمان بقاء الكويت منارة للوحدة والوئام.
الإيمان والفرح
وفي معرض حديثه عن الأعياد الدينية، قال: “إنها جزء حيوي من الحياة الروحية للكنيسة، والاحتفال بها يوفر فرصة عميقة لتوحيد مجتمعنا المتنوع في الإيمان والفرح ونحن من خلال الأعياد الكبرى مثل عيد الميلاد وعيد الفصح والعيد وغيرها من الاحتفالات الدينية نحيي بعضنا البعض في جو من الأخوة في الكويت”.
وفي عيدي الميلاد المجيد والفصح، تضم رعيتنا أشخاصًا من خلفيات ثقافية مختلفة، وتنظم الكنيسة خدمات طقسية خاصة، بما في ذلك القداديس الاحتفالية والسهرات الدينية.
وأضاف أنه في هذه البيئة الفريدة، حيث يشكل المغتربون جزءًا كبيرًا من السكان، توفر هذه الاحتفالات شعورًا بالانتماء والارتباط بوطنهم بينما تعمل أيضًا على بناء الجسور بين الثقافات.
ورداً على سؤال كيف ينظر إلى مستقبل الشرق الأوسط من وجهة النظر الدينية؟ قال: “أملي لمستقبل الشرق الأوسط هو الوئام الديني والتعاون بين الأديان خاصة وأن الشرق الأوسط هو مهد للتقاليد الدينية العظيمة، حيث أن هذه المنطقة لديها القدرة على أن تكون منارة للسلام والوحدة للعالم إذا التزم شعبها وقادتها بتعزيز الاحترام والتفاهم المتبادلين”.
معالجة التحديات
وعن التعاون بين الأديان، قال المطران بيراردي: “إنه أمر بالغ الأهمية في معالجة التحديات التي تواجهها المنطقة، مثل عدم المساواة الاجتماعية والصراعات والنزوح حيث تلتزم الكنيسة بالعمل جنبًا إلى جنب مع الزعماء الدينيين الآخرين لتعزيز قيم العدالة والرحمة والكرامة الإنسانية. نحن من خلال الانخراط في حوار مفتوح ومحترم، يمكننا إيجاد مقام مشترك وحلول تخدم الصالح العام”.
الكنيسة الكاثوليكية في الكويت
حوار الأديان
وفي معرض حديثه عن الحوار بين الأديان، قال: “إن زيارة وفد الأديان من البحرين والكويت إلى البابا فرنسيس كانت لحظة تاريخية وذات أهمية كبيرة بالنسبة للشرق الأوسط حيث سلطت الضوء على الالتزام المشترك لدول الخليج بتعزيز الحوار الديني والسلام والتفاهم المتبادل حيث أن مجرد جمع الزعماء الدينيين وممثلي الديانات المختلفة للقاء قداسة البابا يتحدث كثيرًا عن انفتاح المنطقة المتزايد على التعاون بين الأديان، ونأمل أن تتم مثل هذه الزيارات على أساس متبادل”.
وتابع المطران بيراردي كلامه قائلا: “لما يحدث في الشرق الأوسط، أصلي من أجل شرق أوسط يحتفل فيه بالتنوع ويمكن للناس من جميع الأديان أن يعيشوا جنبا إلى جنب في سلام، وأضاف أن البابا فرنسيس دافع دائمًا عن السلام، مشددًا على أهمية بناء الجسور عبر الانقسامات الدينية حيث دعا قداسته مرارًا وتكرارًا إلى السلام في غزة، وفي أغلب الأحيان لا تجد انتقاداته للحرب آذانًا صماء في إسرائيل”.
وكشف المطران في يوم عيد الميلاد أن بطريرك القدس زار غزة لتقييم الوضع والاطلاع على كيفية الاعتناء بالمحتاجين الذين يقيمون في الكنيسة والمدرسة في غزة التي تضررت جزئيًّا بسبب قصف العدو، كما كشف عن أن الكاردينال باوليني سيزور الأردن لبحث الصراع في المنطقة.
رسالة للشباب
وجه المطران بيراردي رسالة للشباب والأجيال القادمة مضمونها الرجاء والوحدة والمحبة، حيث قال فيها: “إنه في عالم يتسم بالتنوع والترابط بشكل متزايد، من الضروري أن نتعلم تقدير واحترام الاختلافات بين بعضنا البعض خاصة وأن الإيمان والتسامح والتفاهم ليست مجرد مُثُل، ولكنها مبادئ توجيهية يمكن أن تشكل مستقبلًا أفضل لنا جميعًا خاصة وأن الإيمان، بأشكاله المتعددة، يزودنا بالأساس لعيش حياة ذات معنى ويعلمنا أن نحب ونسامح ونتعاطف مع الآخرين”.إنه يذكرنا بأن إنسانيتنا المشتركة أهم من اختلافاتنا ولهذا أنا أشجع الشباب على تنمية إيمانهم، واستخلاص القوة والحكمة منه، والعيش بطريقة تعكس القيم التي يؤمنون بها”.
الكويت الان ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.