غزة 'تُغاث'… هدنة إنسانية ساعات وقوافل المساعدات تتوالى

جيش الاحتلال اختطف نشطاء “حنظلة” وصادر حمولتها… والتحذيرات تتصاعد من سرعة تدهور الأوضاع الإنسانية

غزة، عواصم – وكالات: تحت الضغط الدولي الهائل، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدنة إنسانية لساعات في قطاع غزة أمس، من العاشرة صباحا بتوقيت القدس المحتلة وانتهت مساء دون أن تشمل القطاع كله، دخلت خلالها شاحنات المساعدات الإنسانية لإغاثة الفلسطينيين الذين نال منهم الجوع، وذكرت هيئة البث التابعة للاحتلال الإسرائيلي أنه عقب مشاورات مصغرة عقدها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع وزير الحرب يسرائيل كاتس ووزير الخارجية جدعون ساعر ومسؤولين آخرين تقرر فرض هدنة إنسانية لساعات عدة في أعقاب ضغوط دولية، بينما نقلت “القناة 12” العبرية عن مسؤول إسرائيلي كبير إن الهدنة تشمل مراكز سكانية داخل غزة، من ضمنها شمال القطاع، زاعما أن الهدف تحسين الوضع الإنساني في القطاع، وأفادت القناة أن نتنياهو لم يبلغ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، المتطرفين، مسبقاً بالقرار الذي اتخذه مع الوزراء وقادة الجيش، بينما أبدى بن غفير غضبه من القرار، قائلا على منصة “إكس” إنه لم يدع للمشاركة في المشاورات، في حين كشف جيش الاحتلال أنه يستعد لفترات “تعليق مؤقت” للعمليات العسكرية لأغراض إنسانية في المناطق المكتظة، لكنه شدد على أنه سيواصل العمل في مناطق أخرى في القطاع.

على صعيد آخر، اختطف جيش الاحتلال سفينة “حنظلة” التي كان على متنها ناشطون دوليون وكانت في طريقها إلى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليه، حيث سيطرت البحرية الإسرائيلية على السفينة التي كانت في طريقها من إيطاليا إلى قطاع غزة، وزعمت خارجية الاحتلال الإسرائيلي أن أي محاولة غير مصرح بها لاختراق الحصار المفروض على غزة، تُعد خطيرة وغير قانونية وتُقوّض الجهود الإنسانية الجارية، قائلة إن السفينة في طريقها إلى شواطئ إسرائيل بسلام وجميع الركاب سالمون، بينما أكد ائتلاف “أسطول الحرية” أن قوات بحرية الاحتلال اعترضت طريق السفينة وأن جنوداً صعدوا إليها، وقالت اللجنة الدولية لكسر الحصار المفروض عن غزة، إن السفينة “حنظلة” تعرضت لاعتراض عنيف من قبل جيش الاحتلال في المياه الدولية على بعد نحو 40 ميلاً بحرياً من غزة، مؤكدة أن قوات الاحتلال اختطفت من كانوا على متنها وصادرت شحنتها، مشيرةً إلى أنه كان على متنها 21 مدنياً من 12 دولة، بينهم نواب ومحامون وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، ودان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة اقتحام الاحتلال لسفينة التضامن أثناء إبحارها في المياه الدولية، مشددا على أن العدوان السافر يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقواعد الملاحة البحرية ويؤكد من جديد أن الاحتلال يتصرف كقوة بلطجة خارج القانون، معتبرا اقتحام السفينة يستهدف كل مبادرة إنسانية تسعى لنجدة نحو 2.4 مليون فلسطيني من المحاصرين الجوعى في قطاع غزة.

في المقابل، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من أن مظاهر المجاعة في جنوب قطاع غزة فاقت جميع التوقعات ودقت ناقوس الخطر الشديد الذي بات يهدد حياة نحو مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع، مشددة على أن ردود الفعل الدولية على تلك المظاهر لم ترتق حتى الآن لمستوى الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع، وخصوصا تلك التي ترتكبها على أبواب مراكز توزيع المساعدات وهو ما يتم إثباته وتوثيقه يوميا عبر العديد من شهود العيان على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، قائلة إنها لطالما طالبت المجتمع الدولي بتحقيق فصل جدي بين جميع مسارات الأوضاع في قطاع غزة وبين الجانب الإنساني الذي يتعلق بحقوق المدنيين الفلسطينيين الأساسية بما في ذلك حقهم في المأكل والمشرب والمسكن كمبادئ أساسية لحقوق الإنسان، مطالبة مجددا بصحوة ضمير وأخلاق إنسانية قادرة على فرض إدخال المساعدات بشكل مستدام برا وبحرا وجوا لوقف التسارع الحاصل في انتشار المجاعة المميتة بين نحو مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، مشددة على أن الوقف الفوري لعدوان الاحتلال ولإطلاق النار هو الطريق الأقصر لضمان حماية المدنيين من كل المخاطر المميتة التي تحدق بهم.

من جانبها، حذرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من استمرار سياسة التجويع الممنهجة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من خلال الحصار الخانق والقيود المشددة على دخول المساعدات الإنسانية ما أدى إلى التدهور المتسارع في الأوضاع الإنسانية، قائلة إن الإحصائيات الرسمية تشير إلى وفاة 127 شخصا منذ بدء الحرب من جراء الجوع وسوء التغذية الحاد بينهم 85 طفلا في مؤشر مرعب على التدهور الحاد للأوضاع الإنسانية التي يشهدها القطاع، مضيفة أن الحياة في غزة أصبحت شبه مستحيلة حيث يحرم المدنيون من أبسط مقومات البقاء الطعام والماء والدواء، متابعة أن نحو مليوني شخص في القطاع يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، لافتة إلى أن آلاف العائلات لم تتمكن من تناول وجبة واحدة خلال أيام فيما تمتلئ المستشفيات بحالات سوء التغذية الحاد والهزال والدوخة خصوصا بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات وكبار السن.

بدورها، كشفت وسائل إعلام مصرية أن شاحنات تحمل أطنانا من المواد الإنسانية والإغاثية بدأت في التحرك من أمام معبر رفح البري من الجانب المصري باتجاه قطاع غزة، وبعد ساعات من تأكيد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي أن بلاده تواصل جهودها الحثيثة لإيقاف العدوان على قطاع غزة والإسراع بإنفاذ المساعدات الإنسانية في ظل تدهور الأوضاع التي وصلت إلى حد الكارثة، مشددا على أن معبر رفح البري مفتوح على مدار الساعة من الجانب المصري وأن سلطات الاحتلال الاسرائيلي هي من تقوم بإغلاقه من الجانب الفلسطيني، نافيا إغلاق مصر للمعبر، قالت قناة القاهرة الإخبارية إن المساعدات التي تم إرسالها صباح أمس، تشمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين فضلا عن مواد أساسية لتأهيل البنية التحتية في إطار الجهود المصرية المتواصلة لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يشهدها القطاع.

تدفق محدود للمساعدات الإنسانية بعد جهود عربية ودولية

غزة، عواصم – وكالات: بدأت قوافل المساعدات الإنسانية خلال الساعات القليلة الماضية بالوصول بشكل محدود إلى قطاع غزة عبر الإنزال الجوي ومعبري رفح وكرم أبو سالم البريين جنوب القطاع بعد جهود عربية ودولية لتخفيف حدة الأوضاع الإنسانية الكارثية، وقال شهود عيان إن عددا قليلا من الشاحنات دخلت إلى المناطق الجنوبية والمناطق الشمالية من القطاع تزامنا مع إنزال مساعدات عبر الطائرات الجوية، وأضاف الشهود أن قوات الاحتلال استهدفت عشرات الفلسطينيين شمال القطاع خلال محاولتهم الوصول إلى شاحنات المساعدات.

من جانبه، ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في بيان صحفي أن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 600 شاحنة إغاثية و250 ألف علبة حليب شهريا للأطفال الرضع، مبينا أن الحل الجذري يكمن في فتح المعابر وكسر الحصار بشكل فوري، لافتا إلى مواجهة قطاع غزة كارثة إنسانية حقيقية مع استمرار الحصار الخانق وإغلاق المعابر ومنع تدفق المساعدات وحليب الأطفال منذ 148 يوما بشكل متواصل، بينما حذرت منظمات دولية من بينها الأمم المتحدة والصليب الأحمر من “كارثة إنسانية غير مسبوقة” تواجهها غزة، مطالبة بضرورة ضمان تدفق آمن وكاف ومنتظم للمساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للفلسطينيين.