'شركات التحصيل' تحت المجهر: انتهاك للخصوصية … وتفكك الأسر
مواطنون : كشف المديونيات للأقارب … وقانونيون يحذرون من “سوق سوداء ” للبيانات
- مطالبات برقابة مشددة وتشريعات تحاصر الممارسات غير القانونية
- اتصالات متكررة تكشف الأسرار وتحوّل الديون إلى أزمات اجتماعية
جابر الحمود
في ظاهرة آخذة في التصاعد وتثير جدلاً مجتمعياً وقانونياً، اشتكى عدد من المواطنين من ممارسات بعض شركات تحصيل الديون ومكاتب المحامين المتعاقدة مع شركات الاتصالات والأجهزة الإلكترونية، بعدما عمدت هذه الجهات إلى الاتصال بأقارب المديونين وكشف تفاصيل مديونياتهم المالية. خطوة وصفها قانونيون بأنها “انتهاك خطير للخصوصية” ومخالفة صريحة للقوانين المنظمة لحماية البيانات الشخصية.
وتشير الشكاوى التي تلقتها “السياسة” إلى أن بعض المواطنين تخلفوا عن سداد قيمة الأجهزة التي اشتروها بنظام الأقساط، لتبدأ شركات التحصيل بملاحقتهم هاتفياً بشكل متكرر. ورغم امتلاك تلك الشركات أرقام هواتف المدينين المسجلة في عقود الشراء، فإنها تتعمد الاتصال بأفراد أسرهم وتكشف لهم تفاصيل المديونية وقيمة المبالغ المستحقة، الأمر الذي اعتبره قانونيون “انتهاكاً لخصوصية الأفراد” ومخالفة صريحة لقوانين حماية البيانات.
أسئلة مشروعة
أبدى المواطنون استغرابهم من الكيفية التي تحصلت بها تلك الشركات على أرقام هواتف أقاربهم، متسائلين عمّا إذا كان الأمر يتم بتسريب من داخل الشركات الأصلية، أم عبر وسطاء يجمعون بيانات العملاء بطرق غير مشروعة، مطالبين وزارة التجارة وهيئة الاتصالات وهيئة حماية الخصوصية بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الممارسات.
اتصالات متكررة وإحراج علني
كشف مواطنون لـ”السياسة” أن مكاتب المحامين المكلفة بتحصيل المديونيات لا تكتفي بالاتصال المباشر بالمدين على الرقم المسجل في العقد، بل تلجأ إلى الاتصال بأقاربه وتكشف لهم تفاصيل المديونية، ما يسبب إحراجاً بالغاً ويمس سمعة المدين الاجتماعية.
حالة طلاق بسبب اتصال!
ومن بين القضايا اللافتة التي رصدتها “السياسة”، حالة طلاق بين زوجين بعدما قامت شركة تحصيل ديون بالاتصال بالزوج لإبلاغه بأن زوجته مدينة بمبلغ مالي مقابل خط هاتف نقال لم يكن يعلم عنه شيئاً، ما أدى إلى خلاف حاد انتهى بالطلاق، الأمر الذي يثير تساؤلات حول حجم الأضرار الاجتماعية المترتبة على مثل هذه الممارسات.
البعد القانوني
أكد المحامي جراح مبارك الواوان لـ”السياسة” أن هذه الممارسات قد تندرج تحت طائلة المسؤولية الجزائية والمدنية، موضحاً أن الإفصاح عن معلومات مالية تخص العميل لغيره يعد انتهاكاً للمادة (21) من قانون تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، والتي تلزم مزوّدي الخدمة بالحفاظ على سرية بيانات العملاء وعدم كشفها إلا بقرار قضائي أو إذن رسمي من النيابة العامة.
وأضاف الواوان أن التسبب في ضرر معنوي أو مادي للعميل، سواء بالإفصاح عن مديونيته أو التشهير به أمام الغير، قد يفتح الباب لمطالبات تعويض أمام القضاء المدني استناداً للمادة (227) من القانون المدني الكويتي، التي تجيز المطالبة بجبر الضرر الناجم عن الفعل الضار.
من جانبه دعا المحامي عبدالمحسن القطان الجهات الرقابية والمشرّع الكويتي إلى التدخل وإصدار تشريعات واضحة تلزم شركات التحصيل باستخدام الوسائل القانونية فقط لمتابعة مديونيات العملاء، ومنعها من تجاوز حدود الخصوصية أو الاتصال بأقارب المدينين. كما شدد على ضرورة قيام هيئة حماية البيانات الشخصية المزمع إنشاؤها بتفعيل دورها الرقابي وتوقيع عقوبات رادعة على الشركات المخالفة.
عقوبات محتملة
من جهتها، أوضحت المحامية إسراء الحداد أنه في حال ثبوت تسريب بيانات العملاء أو استغلالها دون إذنهم، قد تواجه الشركات أو موظفوها عقوبات جزائية تصل إلى الحبس والغرامة وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية رقم 63 لسنة 2015، لا سيما المواد المتعلقة باختراق أو إفشاء البيانات السرية.
وأضافت الحداد أن ملف تحصيل الديون يحتاج إلى معالجة تشريعية عاجلة لضمان عدم تحوّله إلى أداة ضغط اجتماعي ونفسي على الأفراد، ولحماية النسيج الأسري من التصدع بسبب ممارسات قد تكون غير قانونية، مع إلزام الشركات باتباع القنوات القضائية والرسمية لتحصيل حقوقها.
مصادر البيانات تحت التحقيق
يبقى السؤال مطروحاً: من أين تحصل شركات التحصيل على بيانات أقارب المدينين؟ وهل يتم ذلك عبر موظفين يسربون المعلومات من داخل الشركات الأصلية، أم من خلال قواعد بيانات يتم تداولها في السوق؟
مصادر مطلعة أكدت أن بعض هذه الشركات قد تلجأ إلى وسطاء خارجيين لجمع البيانات، ما يثير مخاوف من وجود “سوق سوداء للبيانات الشخصية” تستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات الرقابية.
اتصالات متكررة… وإحراج علني
المواطنون تحدثوا عن ممارسات وصفوها بـ”المستفزة”، حيث تلجأ بعض شركات التحصيل إلى الاتصال المتكرر بأرقام الأقارب والجيران وحتى زملاء العمل، لإبلاغهم بتخلّف أحد أفراد العائلة عن السداد.
ورغم امتلاك تلك الشركات لرقم هاتف المدين المسجل، إلا أنها تتعمد الاتصال بالآخرين بهدف الضغط النفسي وإحراج المدين أمام محيطه الاجتماعي.
العقوبات المحتملة
في حال ثبوت المخالفة، قد تواجه الشركات العقوبات التالية:
● الحبس حتى 3 سنوات وغرامة تصل إلى 5000 دينار وفق قانون الجرائم الإلكترونية.
● إلزام بالتعويض المدني عن الأضرار النفسية والاجتماعية التي لحقت بالمدين أو أسرته.
● إجراءات إدارية مثل سحب الترخيص أو وقف نشاط الشركة بقرار من وزارة التجارة أو هيئة الاتصالات.
عبدالمحسن القطان
إسراء الحداد
جراح الواوان
الكويت الان ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.