'الاستئناف': الإخلال بطرائق النسل لا تتسامح فيه الشريعة
المحكمة رفضت الاعتراف بنَسب 3 بنات لمواطن جراء تلقيح مخالف
القول بوقوع الحُرمة شرعاً لا يمنع الذين ابتلوا بحرمان الولد من اللجوء إلى وسائل الطب الحديثة
خلط ماء الرجل ببويضة امرأة أجنبية عنه تصرُّف يحرم إتيانه شرعاً
للبحث العلمي شطحات وهفوات قد لا تتفق مع الأهداف العامة للشريعة
التصرف خالف أصلاً حصيناً من مقاصد الشريعة التي تتصل بحفظ الأنساب
الشريعة أباحت الحرية الشخصية بضوابط تمنع العدوان وإساءة استعمال الحق
جابر الحمود
رفضت محكمة الاستئناف برئاسة المستشار خالد عبدالعزيز الخالد الاعتراف بنسب ثلاث بنات لمواطن كويتي، أنجبتهن “أم بديلة” عن طريق التلقيح الاصطناعي كون زوجته لا تنجب، وبعودته إلى الكويت طلب منه عمل فحص (DNA) أثبت من خلال النتائج تطابق الجينات الوراثية للأطفال مع جينات الزوج وعدم تطابقها مع جينات الزوجة، نظرًا لعدم كونها صاحبة البويضة المستخدمة في التلقيح الاصطناعي.
وبناءً على ذلك، رفضت الإدارة العامة لشؤون المواليد والوفيات في وزارة الصحة طلب إصدار شهادات الميلاد، ما حال دون استخراج باقي الوثائق اللازمة لبناته، و دعاه إلى رفع دعوى أمام المحكمة.
وتتلخص وقائع القضية في أن مواطنا كويتيا تزوج من امرأة خليجية، إلا أنهما لم يرزقا بالذرية، وبعد عدة محاولات للإنجاب وزيارات متكررة للأطباء، تبين عدم تمكنهما من الإنجاب، ولاحقًا، زارا مستشفى في إحدى الدول الآسيوية، حيث نصحهما الأطباء بإجراء ما يعرف بـ”التلقيح الصناعي”، باستخدام خلية تناسلية من الزوج لتلقيح بويضة امرأة أجنبية وزراعتها في رحم الزوجة، وبالفعل، قاما بهذا الإجراء، وأسفر هذا عن إنجاب ثلاثة أطفال عن طريق التلقيح الصناعي وقد تمت الولادة في دولة الزوجة الخليجية.
وبعد أن استخرجا شهادات ميلاد من دولة الزوجة ووثائق سفر مؤقتة من سفارة دولة الكويت، عاد الزوجان إلى الكويت وسعى الزوج إلى إصدار شهادات ميلاد لأطفاله الثلاثة تمهيدًا لاستخراج إثبات الجنسية، والبطاقة المدنية، وجوازات السفر، إلا أن الجهات المعنية طلبت من الزوجين إجراء فحص الحمض النووي (DNA) للتحقق من العلاقة البيولوجية مع الأطفال، وبالفعل، أجرى الجميع الفحوصات المطلوبة، لكن النتائج جاءت بخلاف ما كان يتوقعه الزوجان، اذ أظهرت تطابق الجينات الوراثية للأطفال مع جينات الزوج، لكنها لا تتطابق مع جينات الزوجة، نظرًا لعدم كونها صاحبة البويضة المستخدمة في التلقيح الصناعي، وبناءً على ذلك، رفضت الإدارة طلب إصدار شهادات الميلاد، ما حال دون استخراج باقي الوثائق اللازمة.
دفعت هذه التطورات الزوج إلى رفع دعوى قضائية يطلب فيها إثبات نسب الأطفال له ولزوجته، وتمكينه من استخراج شهادات ميلاد لهن، بالإضافة إلى البطاقة المدنية، جوازات السفر، والجنسية، وبعد نزاع حول الدائرة المختصة نوعياً في النزاع أحيلت الدعوى الى محكمة أول درجة دائرة أسرة جعفرية.
وبعد أن نظرت المحكمة في الدعوى، قضت بإثبات نسب الأطفال للزوجين، وما يترتب على ذلك من آثار، بما في ذلك قيد الأطفال في سجل المواليد، وتمكين الأب من استخراج شهادات الميلاد، والجنسية، وجوازات السفر، والبطاقات المدنية لأطفاله الثلاثة، ونظرًا لعدم تنظيم قانون الأحوال الشخصية الجعفري رقم ( 124/2019) لهذه المسألة، استند حكم الدرجة الأولى إلى فتوى صادرة عن المرجع الديني، الذي أجاز هذا الإجراء واستندت المحكمة في رجوعها إلى الفتوى إلى المادة الثالثة من القانون، التي تنص على أن “كل ما لم يرد في هذا القانون يُرجع فيه إلى رأي المرجع الحي الأعلم للجعفرية الجامع لشرائط التقليد”، إلا أن هذا الحكم لم يلق قبولًا لدى النيابة العامة، ما دفعها إلى الطعن عليه بالاستئناف، وبعد أن نظرت محكمة الاستئناف الدعوى، قضت بإلغاء الحكم المستأنف، مستندةً إلى أن هذا الإجراء يُعد مخالفًا للنظام العام، الآداب العامة، والشريعة الإسلامية.
وقالت المحكمة في حكمها: إن ” خلط ماء الرجل ببويضة امرأة أجنبية عنه، ولو نتج عنه خلق من رحم الزوجة تصرف يحرم إتيانه شرعاً، ويخالف صحيح الشرع ومقصوده في حفظ الأنساب، لالتقائه في معين واحد مع نتاج العلاقة الآثمة بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج الشرعي بينهما، وأن القول بوقوع تلك الحرمة شرعاً لا يعني الحيلولة بين أولئك الذين ابتلوا بحرمان الولد وبين وسائل الطب الحديثة التي تؤمل الزوجين في الحصول على مبتغاهما، إذ لا ينبغي الانجرار وراء العواطف أو النزاعات الإنسانية في بيان الحكم الشرعي لتلك الطرق.
واضافت: لا يخفى أن للبحث العلمي شطحات وهفوات قد لا تتفق مع الأهداف العامة للشريعة، وتلك الغاية المستهجنة التي يستسيغها الكثيرون ويدفعها ـ من ورائهم ـ بعض من الأطباء نحو دائرة الإباحة دون قيد أو شرط، تؤصل فيها هذه المحكمة قضاءها بمخالفة هذا التصرف لأصل حصين من مقاصد الشريعة التي تتصل بحفظ الأنساب.
وخلصت الى القول: إنها و من جماع ما سبق، قد استقر في عقيدتها و وجدانها حقيقة شرعية لاريب فيها ولا مراء، تتصل وبنيان هذا المجتمع وتقف على ثغر من ثغوره، تعتبر فيها وبحق أن الدولة عقيدتها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، وأن كل النظم الوضعية تصيغ العقوبات والتدابير إزاء الأفعال التي تتعارض مع أسس قيامها، وأن الإخلال بطرائق النسل وحفظ الأنساب ليس أمرا فرديا يمكن أن تتسامح فيه شريعة الإسلام ودولته كحق من حقوق الأفراد، لاسيما إذا خرج الأبوان – اللذان هما أساس نواة الأسرة وعمادها – عن الأصول القويمة، فهدما روابط المجتمع، وذاك مما لا يتسامح فيه قانون أو دولة، ولئن كانت الشريعة الإسلامية وسائر الدساتير والقوانين أباحت الحرية الشخصية بالضوابط التي تمنع العدوان وإساءة استعمال الحق، فليس من بين ذلك أن يدعو أي فرد إلى ما يخالف النظام العام أو الآداب”.
الكويت الان ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.