متى تُزعزع رسائل الذكاء الاصطناعي ثقة الموظفين بمديريهم؟

في زمن صار فيه الذكاء الاصطناعي جزءاً من الحياة اليومية في العمل، باتت رسائل البريد الإلكتروني أكثر سلاسة واحترافية بفضل أدوات مثل ChatGPT وGemini وCopilot. لكن دراسة حديثة تكشف جانباً آخر لهذه المعادلة: فالمبالغة في استخدام الذكاء الاصطناعي قد تجعل الرسائل تبدو مثالية شكلياً، لكنها تترك أثراً سلبياً على علاقة المدير بموظفيه.

احترافية على حساب الثقة

بحسب استطلاع شمل أكثر من 1100 مهني، تبيّن أن الموظفين ينظرون إلى رسائل المديرين المكتوبة بمساعدة طفيفة من الذكاء الاصطناعي – مثل التدقيق اللغوي أو إعادة الصياغة – باعتبارها مهنية ومقبولة. لكن الصورة تتغير عندما يعتمد المدير بشكل أكبر على هذه الأدوات، فبينما بدت الرسائل أكثر صقلاً، تراجعت ثقة الموظفين بمرسليها بشكل لافت.

الفجوة في التصورات

الدراسة، التي نُشرت في المجلة الدولية للتواصل في الأعمال، أظهرت “فجوة في التصور”: الموظفون يتسامحون مع استخدامهم الشخصي للذكاء الاصطناعي، لكنهم أكثر تشدداً حين يكتشفون أن مديريهم يعتمدون عليه بالقدر نفسه. هذه الفجوة تفسر لماذا يُنظر أحياناً إلى رسائل المدير المدعومة بالذكاء الاصطناعي على أنها كسل أو قلة اهتمام، بدلاً من أن تُقرأ كإشارة إلى الاحترافية.

نقطة التحول

الأرقام كانت لافتة: نحو 83% من الموظفين اعتبروا رسائل المديرين مخلصة عندما استُخدمت مستويات منخفضة من المساعدة التقنية، مقابل تراجع النسبة إلى ما بين 40% و52% عند الاعتماد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي. أما على صعيد المهنية، فقد انخفض التقييم من 95% مع المساعدة المحدودة إلى حوالي 70% فقط مع الاستخدام المكثف.

أين يُقبل الذكاء الاصطناعي وأين يُرفض؟

يشير الباحثون إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيداً في الاتصالات الروتينية مثل التذكير بالاجتماعات أو إرسال الإعلانات الرسمية. لكن في الرسائل التي تتطلب تعاطفاً أو مدحاً أو تحفيزاً شخصياً، يصبح التدخل البشري المباشر ضرورة لا غنى عنها. فالموظفون يريدون أن يشعروا أن كلمات التهنئة أو التقدير جاءت فعلاًً من مديرهم، لا من خوارزمية.

خلاصة

الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد الكتابة في بيئة العمل، لكنه لم يُلغِ بعد القيمة الجوهرية للصدق والاهتمام البشري. فالرسالة “المثالية” لا تُقاس فقط بجمال صياغتها، بل بمدى ما تعكسه من إخلاص المرسل وثقة المتلقي.