البحر ينشق في كوريا الجنوبية ويكشف طريقاً سحرياً!

في ظاهرة طبيعية تأسر الأنظار وتثير الدهشة، ينشق البحر مرتين في السنة عند جزيرة جيندو جنوب كوريا الجنوبية، كاشفاً ممراً رملياً بطول يقارب 2.8 إلى 2.9 كيلومتر وعرض يتراوح بين 40 و60 متراً، يصلها بجزيرة مودو المجاورة. تستمر هذه الظاهرة الاستثنائية نحو ساعة فقط قبل أن تعود المياه لتغمر الطريق من جديد.

يُطلق على هذه الظاهرة اسم “معجزة جيندو”، وقد أصبحت حدثاً عالمياً يجذب عشرات الآلاف من الزوار سنوياً. ويُقام حولها مهرجان شعبي يعرف بـ “مهرجان طريق البحر المعجزي” الذي يُنظم عادة في أواخر أبريل أو أوائل مايو من كل عام.

وفي العام الحالي 2025، حُددت فعاليات المهرجان بين 28 أبريل و1 مايو، وهي الفترة التي يتوافق فيها انحسار المد بشكل نادر يسمح بظهور الطريق الرملي.

بين الأسطورة والعلم

يرتبط الحدث بأسطورة محلية عن “الجدة بيونغ” التي تقول الحكاية إنها دعت الآلهة لمساعدتها بعد أن تقطعت بها السبل على الجزيرة، فانشق البحر ليمكّنها من العبور، إذ منحت هذه القصة الشعبية الظاهرة بعداً وجدانياً وثقافياً يعزز من سحرها.

من الناحية العلمية، يُفسَّر انشقاق البحر بتأثير قوى المد والجزر الناتجة عن تزامن جاذبية الشمس والقمر، إضافة إلى التضاريس الفريدة لقاع البحر في المنطقة. هذا التوافق النادر يؤدي إلى انحسار المياه وظهور الممر الرملي بشكل مؤقت.

وجهة سياحية عالمية

تحولت معجزة جيندو إلى مقصد سياحي بارز في كوريا الجنوبية. فخلال المهرجان، يتوافد ما يقارب نصف مليون زائر، بينهم سياح أجانب، لاكتشاف الظاهرة بأنفسهم. ويشارك الزوار في أنشطة متعددة مثل المشي عبر الممر الرملي، حفلات الرقص الشعبي التقليدي، العروض الشامانية، والأسواق المحلية التي تعرض المأكولات البحرية والمنتجات الكورية.

كما تُنظم مواكب ملونة واحتفالات ليلية، ما يجعل المهرجان مزيجًا بين العلم والخيال الشعبي، وبين السياحة الثقافية والطبيعية. وبفضل هذا الزخم، تُعد جيندو من أهم الوجهات السياحية الموسمية في آسيا.

سحر طبيعي يتكرر مرتين سنوياً

رغم أن المهرجان الرسمي يقام في الربيع، إلا أن الظاهرة تتكرر أيضاً في فترة أخرى عادةً في يونيو أو يوليو، لكن من دون الطابع الاحتفالي الكبير. وهو ما يتيح للسكان المحليين فرصة مشاهدة الانشقاق في أجواء أكثر هدوءاً.

في النهاية، تبقى “معجزة جيندو” شاهداً على التناغم المذهل بين الطبيعة والأساطير، وظاهرة تجعل البحر “يتنحى” مؤقتاً ليفسح الطريق لموكب من البشر يعبرون سيراً على الأقدام، قبل أن يبتلع الممر من جديد.