الهواء الملوث أشد فتكاً من التدخين السلبي في التسبب بسرطان الرئة!

كشفت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من المعاهد الوطنية للصحة الأميركية (NIH) وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، عن وجود ارتباط وثيق بين تلوث الهواء الناجم عن الجسيمات الدقيقة وبين الزيادة في الطفرات الجينية المحفزة لسرطان الرئة لدى غير المدخنين، في نتائج وصفت بأنها تمثل اختراقًا علميًا في فهم هذا النوع من السرطان.

اعتمدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature في يوليو الجاري، على تحليل التسلسل الكامل لجينوم أورام الرئة لدى 871 مريضاً لم يسبق لهم التدخين، تم جمع بياناتهم من 28 موقعًا جغرافيًا حول العالم ضمن مشروع “Sherlock-Lung” .

وأظهرت النتائج أن تلوّث الهواء تسبب في تغيرات جينية مماثلة – بل أحيانًا أكثر حدة – من تلك الناتجة عن التدخين السلبي.

طفرة في فهم تأثيرات التلوث على غير المدخنين

من أبرز الاكتشافات أن تلوّث الهواء كان مسؤولاً عن تغيرات في جين TP53، أحد الجينات الأكثر ارتباطاً بالسرطان، إلى جانب ظهور توقيعات جينية مماثلة لتلك التي تُشاهد عادة لدى المدخنين. كما ربطت الدراسة بين التعرض للجسيمات الدقيقة وقصر التيلوميرات، وهي أجزاء من الحمض النووي تلعب دوراً مهماً في الشيخوخة الخلوية، ما يشير إلى أن التلوث يُسرّع من التدهور الخلوي.

وأوضحت النتائج أن التعرض للتدخين السلبي، وإن تسبب في طفرات طفيفة، إلا أنه لم يظهر نفس التأثير التحفيزي للسرطان كما هو الحال مع التلوث الهوائي، ما يُعيد تسليط الضوء على خطورة التعرّض البيئي اليومي وبخاصة في المناطق الحضرية.

إعادة صياغة السياسات الوقائية

تأتي هذه الدراسة لتسد فجوة كبيرة في الأبحاث السابقة التي غالباً ما ركزت على المدخنين، بينما ظل تطور سرطان الرئة لدى غير المدخنين غير مفهوم تمامًا. ويمثل غير المدخنين ما يصل إلى 25% من حالات سرطان الرئة عالمياً، ما يجعل هذه النتائج محورية في صياغة سياسات بيئية وصحية جديدة تركز على الوقاية من التعرّض للتلوث وليس فقط مكافحة التدخين.